23
Januaryماذا بعد نشر صورتك على مواقع التواصل !
بقلم د.محمد الطرايرة
نشر المرأة صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي ...
الحمد لله ، وصلاة وتسليما على رسول الله ...
1- خطابي موجه لطالبات العلم الشرعي بالدرجة الأولى ، ثم للقابضات على دينهن في زمن الغربة،
الملتزمات باللباس الشرعي بالمجمل ، وإن كان فيه ما فيه ... ولا أظن غيرهن يفهم ما أكتب ...
ولذلك حرصت على الجمع بين الاختصار والوضوح ...
2- حديثي مقتصر على نشر صورها على المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي ، وليس عن حكم كشف الوجه ...
3- محزن هذا الأمر ، حتى عند بعض الرجال الذين أعطاهم الله الجمال ، فيتباهون بجمالهم
بنشر صورهم الفاتنة القاتلة للنساء ... ثم تراهم ينشرون صورهم في المسابح بعوراتهم ،
مثبتين سذاجة عقولهم واضمحلال تفكيرهم ... والله المستعان ...
4- الأخوات الصالحات : صوركن المنشورة يراها البر والفاجر ، فلا تفترضن براءة قلوب الناظرين إليكن ،
فغالبهم لا يملك نفسه عن سوء الفكرة والإيذاء ...
5- ربما تقول : أنا أصلا أخرج ويراني جميع الناس ... قلت : الأصل أن يكون خروجك من بيتك
للحاجة كطلب علم أو شراء ما تحتاجينه أو غير ذلك ... وخروجك يكون منضبطا بضوابط الشرع
فيما يتعلق باللباس وكشف الوجه ... والنقطة التالية تبين شيئا من ذلك ...
6- أما عند الشافعية والحنابلة فوجه المرأة عورة لا يجوز كشفه وتأثم من فعلت ذلك ،
سواء كان ثمة فتنة أو لا ... وأجاز ذلك الحنفية والمالكية إذا لم تكن ثمة فتنة ...
ولا أظن زماننا إلا زمن فتن زلت فيه أقدام كثير من الصالحين فضلا عن الطالحين
والله المستعان وعليه التكلان،قال الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" ( 2/53 ) :
" لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات " .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ( 9/ 424): " ولم تزل عادة النساء قديما
وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب " ...
7- الخروج بزينة الوجه مما تعلمه النساء وتحتال له ، مما لا يرضاه الشرع ، فقد قال ربنا :" ولا يبدين زينتهن ..."
8- وتذكروا أن الأصل في المرأة الحياء والستر ، وهذا أصل معتبر دلت عليه عشرات النصوص
الشرعية الصحيحة الصريحة ... ولذلك تتوسط المرأة النساء إذا كانت إماما بهن
ولا تقف في صف وحدها ، ولا تتعطر أمام الرجال الأجانب ، ولا تسافر إلا مع محرم ، وغير ذلك ، فتأملوا
9- أنت تقدمين مادة لأهل الفجور الذي يتصيدون مثل هذه الصور ليتلاعبوا بها ، وينشروها على طريقتهم ، ويحصل بعدها ما يحصل ... قال ربنا لخير نساء :" ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " ... قلت : فكيف بنشر الصور ...
10- لا تقولي : أنا كبيرة ومتزوجة ، أو شكلي غير جميل ، فلكل ساقطة لاقطة ، والذئاب لا ترحم ...
11- كم من فتاة لو رجع بها الزمان ما نشرت صورة واحدة لها ... وكم من فتاة فرحت أول ما نشرت صورتها بإطراء الآخرين وثنائهم عليها ، ثم استُدرجت من حيث لا تدري ، حتى مات قلبها ، وخلا من تعظيم الله وحبه ... وها هي تصارع الوقت ، وتخشى الفضيحة ...
12- غالب من استدرجهن شياطين الإنس والجن وأوقعهن ، كانت الواحدة منهن تزعم أنها واثقة من نفسها ، وتعلم متى تضع حدا للآخر ... ولكنها بعد مدة دخلت في حالة سكرة أقفلت عقلها ، وجعلتها سلعة في يد الآخر ، حتى إذا انتهت صلاحيتها ، رماها كالزبالة أجلكن الله ورفع قدركن ...
13- وقد رأينا من أرسلت إليه صورتها بدون حجاب ، استجابة لطلبه لأنه يريد أن يخطبها ... وهذا على الغالب كاذب لص ذئب مخادع يأتي البيوت من ظهورها ... وقد يكون صادقا لكنه أخطأ الطريق ...
14- نحتاج إلى نوع صراحة مع أنفسنا ، لنقرر أن خلف نشر صورنا على مواقع التواصل شهوة خفية في نفوسكن ... تنتظرن إطراء الغير ومدحه لكن ، وتضعن ذلك في قوالب تزين سوء العمل ... أدرك كم تحبين مدح الناس لك وثناءهم عليك ، وكم تحبين الجمال والزينة ... ولكن " وما عند الله خير وأبقى " ... ثم إن الشرع أوجد مساحة فقهية طيبة لإظهار المرأة زينتها ، لا تخفى عليكن ...
15- هناك آيات جاءت بأحكام شرعية معللة ، وعلتها ليست قاصرة بل متعدية، فتأملوا مثلا قول الله تعالى في سورة الأحزاب :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ...".
هل تعلمون أن هذه الآية نزلت في حق أطهر نساء وأطهر رجال ، نزلت في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، اللواتي قد يأتيهن من الصحابة من يسألهن شيئا مما يحتاجه من أمور الدنيا ، فيأتي التوجيه بعدم كشفهن لوجوههن أمامهم للحفاظ على طهر القلب ونقائه . قال ابن عطية في تفسيره : وقوله :" ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النّساء ، وللنساء في أمر الرجال ...
قلت : إذا نزل مثل هذا الأمر في حق الصحابة ، فكيف برجال هذه الزمان الذين أحاطت الشهوات بقلوبهم وعقولهم !!! وهذا هو مسلك الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ على العلة التي بها يتعدى الحكم ولا يكون قاصرا ...
16- بل تأملوا قول الله تعالى في سورة الأحزاب :" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا " ... أرجو قراءتها مرة أخرى ، وتأملوا كيف يفرح أصحاب القلوب المريضة بصوركن ...
17- قال الله تعالى في سورة النور :" وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " سبحان الله : أيهما أعظم فتنة !!!
18- روى البخاري في "صحيحه" كتاب: التفسير، سورة النور باب :{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } عن عائشة رضي الله عنها قالت :" يرحم الله نساء المهاجرات الأول ؛ لما أنزل الله { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ". قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 490 في شرح هذا الحديث: قوله :" فاختمرن ، أي : غطين وجوههن ... "
19- إلى الأخت التي تتصور بنقابها : نص بعض العلماء على حرمة النظر إلى المنتقبة التي يبدو منها العينان والمحاجر ، فقد قال العلامة الرملي الشافعي :" حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، ولا سيما إذا كانت جميلة ، فكم في المحاجر من خناجر " ...قلت : تنزهك عن مثل هذا أبرأ لدينك ، فالزمي ...
20- قد تقول : قد أحتاج لكشف وجهي للطبيب أو الخاطب أو للشهادة ، ثم إن صورتي في الهوية وجواز السفر وغير ذلك مما له ضرورة ... قلت : الاستثناء يبقى استثناء ولا يعود على الأصل بالبطلان ... فالصورة فيما ذكرت للضرورة فقط ... وليس في نشر صورتك على المواقع ضرورة تذكر ...
21- وقد رأيت من حيل الشياطين وتلاعبهم ، ما تعمد إليه بعضهن من نشر صورها وهي صغيرة مشتهاة بدون حجاب ( في سن السادسة أو السابعة إلى ما قبل البلوغ ) ... أقول : المشكلة أنها نشرت صورتها وهي صغيرة يشتهيها الرجال ... ظهرت فيها بعض علامات البلوغ ... لا بد لأهلها أن يعودوها على الستر والحياء لئلا يفوتهم قطار ذلك إذا كبرت ...
22- ومن عجائب الحيل كذلك : ما تعمد إله بعضهن من نشر صورة لفتاة غيرها ، أجمل منها أو كجمالها ... تظن أنها بذلك تحتاط لنفسها ... وما تفعله يدل على أمراض خفية تسللت إلى قلبها ، شعرت أو لم تشعر ...
23- سكوت الرجال من محارمك من زوج وأب وأخ عن ذلك لا يدل على صحته ، فأنت مسؤولة عن فعلك غدا بين يدي الرب ، وهم مسؤولون ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ...
24- طبعا أنا لم أتكلم عن تصوير الأعراس ، والفيديوهات فيها ، مع أنني أعلم أنكم تحرصون على تضييق دائرتها ... ولكن السعيد من نجا من الخدوش والله الموفق ...
25- تتبعوا حال من يدعو المرأة إلى كشف وجهها ، ويجاهر بذلك ، ويلبس كلامه ثوب الدين ... غالبا :
أ- إما منافق عرفنا حقده على الدين من لحن قوله ...
ب- أو جاهل غير متخصص بعلوم الشرعية ، بل متسلق متطفل ...
ج- أو عنده شيء من العلم ، ولكنه أخطأ الطريق ...
أخيرا ... ليست لي بضاعة مما ذكرت إلا استشعار مسؤولية معلقة في العنق ، تختص بأمهاتنا وأزواجنا وأخواتنا وبناتنا ، نرجو مما ذكرنا أن يكرمنا الله ويجمعنا معهن في جنات النعيم ...
المرأة المسلمة المؤمنة ... صاحبة الحياء الشرعي ... السباقة إلى مرضاة ربها ... تاج على رأس كل واحد منا ، وهي ملكة لا نملك إلا أن نرفع لها قبعاتنا إكراما واحتراما ، في زمن كثرت فيه الساقطات ...
ثبتكن ربي يا حفيدات خديجة وعائشة وحفصة ..